( مقدمة البحث )
عرفت الواحة فى خيير بأنا واحدة من أغنى بقاع أرض الحجاز .
واشتهرت بكثرة تمورها ووفرة ثمارها ؛ فإليها وفد أهل الحجاز ونجد للامتيار من
حاصلاتها ؛ وعندها حطت قوافل التجارة وقامت الأسواق .
وقد أسهم الانتاج الزراعى الوفير فى خيبر فى اجتذاب أنظار الجاهليين »
وأسال كثرته أعاب الجزارِين » مما دفعهم إل توثيق علاقانهم بالبيود فى غير »
فأقاموا معهم علاقاٌ حسن جوار » وعقد البغض معهم الأحلاف لمؤازرتهم
الدفاع عن الواحة » والهجوم على الدولة الإسلامية فى المدينة فى عهد البى
َه بغية القضاء عليها » وذلك مقابل جعل أو شطر من ثمار الواحة » ولايد
أن هذا الشطر كان كيراً » ومغرياً » يستأهل التضحية من أجل الحصول
هذا الانتاج الزراعى الوفير . أسهم فى غنى سكان الواحة . وشهرتها
ورخائها وازدهار تجارتها » م أسهم فى توجه العلاقات بين اليبود فى خيير
والقوى المجاورة لها » كا أن اليهود فى خيبر وجهوا هذا الانتاج توجها حرياً +
وحولوه إلى اقتصاد حرب عند الضرورة ؛ عندما جعلوه فى خدمة مشروعاتهم
الحربية والسياسية . غير أن هذا الانتاج الوفير» قل وتدهور بعد أن فتح
المسلمون خيير » مع أن الأرض ظلت بيد اليهود وفق ماشرط عليهم رسول الله
ومن ثم أصبح من الأهمية بمكان القيام بدراسة تفصيلية للتعرف على أوجه
النشاط الزراعى لليهود فى خيبر قبل الإسلام ؛ وعوامل قيام الزراعة فى تلك
الناحية من بلاد الحجاز وأهم المشروعات الزراعية التى قامت على أرض خيبر +
ثم إلقاء الضوء على أهم المحاصيل الزراعية التى اشتهرت بها الواحة » مع الإشارة
إلى الانتاج الحيوافى فى الواحة الخييرية ؛ ثم نحم هذا البحث بالقاء الضوء على
أحوال الزراعة فى خيبر » وأسباب تدهور الانتاج الزراعى فيها بعد الفتح وحتى
إجلاء عمر بن الخطاب اليبود عن خيير اسنة 0٠ه/ 146 ع2
والله الموفق ولله الحمد 66+
د. ملام شافعى محمود
الامكندرية فى لا فو الحجة 1464 ها .
اللشاط الزراعى فى خيبر
فى الجاهلية وحتى نباية عهد عمر بن الخطاب
خيير ريف الحجاز :
عرفت خيبر قبل الإسلام بأنها ه ريف الحجاز » 9" » و ( الريف ) لغة :
وغيرها ؛ والجمع أرياف وريوف . قال أبومتصور :
الحضر والمياه . والريف : أرض فيها زرع وخصب . ورافت الماشية أى رعت
الريف . والريف : كل أرض فيا زرع ونخل ... وتريف القوم وأزيفوا وتريقنا
وأريفنَا : صرنا إلى الريف وحضروا القرى ومعين الماء ؛ ومن العرب من يقول
المطعم ؛ وحيث الخضرة والحياة »© ؛ وهكذا كانت خيبر » وهكذا عرفها
الجاهليون » فهى عند أهل مكة « قرية الحجاز : ريفاً ومنعة 96 ؛ وهى عند
وتجارها الأثرياء فقد عرفوا خيير بأنها « هى ريف الحجاز أجمع و91 .
ولا مبالغة فى أقوال الجاهليين ؛ فخيبر واحة كبيرة وأرض خصبة ؛ غنية
بالأشجار والمزروعات » وَتُمَدٌ واحدة من أخصب واحات شبه جزيرة
العرب '" ؛ ولايزال اسمها عند أهل اللغة يحمل الدلالة على خصها +
(1) الواقدى : المغازى » تحقيق مارسدن جونس + غالم الكتب + يروت جد 8 ا من 107
ابن منظور : لسان العرب ؛ تحقيق عبداله على الكبير وآخرون + دار العارف بمصراء اح +١
صن 1838 ( عادة : ريف )
(©) الصالحى : سبل لهدى والرشاد فى سيزة غير العباد + حد * + تحقيق فم شلتوت وجودة هلال +
القاهرة 8 14م/ #ححام م 13١
(8) ابن كثير : السورة النبوية + تحقيق مصطفى عبد الواحد + دار المعرفة + بيروت 1607م
محم اص لاي
(ه) الواقدى : الصدر السابق ل عد ل من 77
2904 الواقذى : الصفر تقسة لاح كا من )١(
0 حد الجلسر : فى همال غرب الحزيرة ؛ الطيعة الأول + بووث 6 40 19ف.
فيقول ابن دريد : د وخبير اسم الياء فيه زائدة ؛ أحسب اشتقاقه من قوم
أرض خَبْرةَ طبية الطين سهلة » 7 ومردٍ حصب الواحة فى خيير ( يعود ) إلى
غزارة مياهها وإلى تحلل صخور حرتها البركانية » التى تحفظ على الأرض
خصويتا ؛ وتزيد من خصوبة التربة » وتغذيها وتمدها بالعناصر الثى تزيد من
أودية الواحة فى خيير :
الخصبة من الأودية التى تكثر فى ناحيتها» ؛ ولعل من أهم أوديتها حسها
واديان كبيران » فالسرير جار على سبعة أميال !*#والواديان يضمان العديد من
الأودية مثل أودية : الشق ويعرف اليوم بوادى الصوير والنطاة وها
من أودية السرير 09 ؛ والكتيبة وهو واحد من أخصب أودية خيير وأكارها
“١ يوسف خليف : الشعراء الصعاليك » الطيعة الثلثة . دار المعارف بحر + 4908م كن 8
الخطراوى. المدينة المنورة فى العصر الجاهل ؛ الطبعة الأولى » مؤسسة علوم القرآن + دمشق +
(؟) حمد الجامر : المرجع السابق ان 1ل جلا
(» الحرنى : كتاب المناسك وأماكن طرق الحج ومعالم الجزيرة ؛ تحقيق حمد الجاسر + منشورات دار
الام الرياض ب أحجاها 4حح1م ص وه
ان كير : البداية والنيية ؛ دار الفكر يروت ب 48 ج1م/ خلاحام جاع ص 628
(*) الكرى : معجم ما استعجم من أماء البلدان والواقع ؛ تمقيق مصطقى السقا ؛ القاهرة +
3 امن شبة : تاريخ المدينة النور
القازى : الصدر السابيق داح 8 ل من ج48
اهم الخرق : الصدر السابق دام 286
البكرى : المصدر السابق ا اح 8ل من 81م
تحقيق فهم شلثرت ؟ دف 1944م/ ولاقام احا
وكلها أودية اشتهرت_بخصوبة الأرض © وكارة المزروعات + وجودة
المحاصيل » وروعة الحوائط ( البساتين ) وغابات النخيل » وحماقل الشجز .
لذا أقيمت لحماية هذه الأودية وحراستها سلسلة من الحصون المنيعة » بل
أن اليهود النازلين فى خبير أقاموا فى الوادى الواحد العديد من الحصون والقلاع
وادى خاص أقيمت حصون لحماية وادى الكتيبة الذى يعد من أغنى أودية
خيبر . ومنها : القموص أعظم حصون خيير " » أما حصن الوطيح الذى
أم على جيل الأهيل فقد أنشأء يبود مدعوماً بالعديد من الأطام لحماية مزارع
وأسوال تعرف بالوطبيح © » فضلا عن غابات التخيل وأشجار الهار اللى
زرعوها ف المناظق ذات التربة الطينية الخصبة على سفوح جيل فيل 0
أن يكون سهمها من الأرض ولماء !© » كا كان فيه طعم بنى المطلب وبثى
#روم 2
الحرق : امصدر السابق ءامن 684
(؟) ابن سعد : الطبقات الكبرى + دار الفكر العرق » القاهرة ؛ اجن قى ١ لم 2169
الحرق : المصدر السابق امن 846
() الخرق : الصدر السابق من 8486
: نعجم البلدان ؛ دار صادر ت يروت ب 417 17م/ 4907م ا حا ا م 4لا
الحميوى : الروض العطار فى خبير الاقطار ؛ تحقيق احسان عباس + يووت + 1478م
عاد
(ع) باقوت : الصدر السابق ا اداج من لاع
(* الواقدى : المصدر السابق لاح »ا من 706
(3) الحرى : امصدر السابق + من 585
عوامل النشاط الزراعى وأشهر السدود فى خجيير :
وعمل اليهود بالزراعة فى خيبر ؛ إذ كانت الفلاحة حرفتهم الرئيسية وهم
خيرة بالأعمال الزراعية !"© وكان اليبود وزوجاتهم وأولادهم يقومون بحرث
الأرض وزراعتها » وفى حديث خيبر أن النبى هل و أقرهم فلاحين ماشاء
الله على أن لهم الشطر من كل زرع ونمر + '"" » و « كان البيود قوماً لهم تمر
لايصيبها قطعه و أى لاينقطع عنبا الماء فقد اشتهرت خيير بأنها موضع عزير
المياه « فهى أمغفرة فى الماء » © 2 « والماء فيها واتن 98" أى لاينقطع +
وذلك لكثرة العيون التى يستفاد منها فى سقى الزرع وإرواء الأشجار المغروسة
فى أراضيها الخصبة © » ا كانت تخرج من هذه العيون الدبول ( الجداول
والمتاهر 1 الأنهار الصغيرة ) التى اهتم اليبود باصلاح مجاريها وتجهيزها”
7 » وقد أشارت المصادر إلى تلك الدبول التى كانت مشارب لسكان.
الحصون » كا ذكرت تلك المصادر أنه كان ليهود الحصون بالنطاة دبول تصل
إلى أسوار الحصون » وكانوا ينزلون إليها بالليل فيشربون أثناء حصار المسلمين
لحصون النطاة » وأن المسلمين قطعوا هذه الدبول مما اضطر يهود إلى الخروج
من الحصون والتصدى للمسلمين عند الأسوار !"© ,
(ا) ولفتسون تارج اليود فى بلاذ العرب ١ القافرة 146 ه/ 1487م م من 186
() جروهمان : خيير مقال بدائرة المعارف الاسلامية اح ءا 86
© ابن قم الجوزيه : أحكام أهل الذمة ؛ تحقيق صبحى الصالح » الطبعة الثالثة .دار العلم للملايين +
يروت ١ مقلم اح اص ها
(5) الواقدى : الصدر السابق اح 1ن من الا
غفره : غطاء القاموس المحيط + اح ؟ ءا ٠١3 )
ود الواقذى : الصدر السابق اح ؟ ١ن 387
© جواد على : المفصل فى تاريخ العرب قبل الاسلام ؛ الطبقة الثالثة + بيووت 8 188 م حلا
م جواد على : الفصل + حا لا من 14
« الديل : الجدول من الجداول » وإما سميت الجداول دبول لأنبا تيديل أى تصلح وتجهز وتنقى +
ومع أن المصادر أشارت إلى كثرة العيون فى خيبر ؛ وأن صاحب « تحفة
امحبين » يذكر أنه رأى د فى بعض التواريخ أن اسمها فى الجاهلية ( حَيْريرٌ ) لأنه
كان بها من العيون بعدد أيام السنة 6 © » إلا أن مصتفى هذه المصادر لم
يفيضوا فى ذكر أسماء هذه العيون وأماكن تواجدها على وجه الدقة والتحديد +
فصاحب « كتاب المناسك وطرق الحج » ذكر أن « بالشق عيون » ولم يذكر
الملائكة ) ؛ يذهب ثلث مائها فى فلج » وثلث فى فلج والمسلك واحد © . كا
كان من عيون الماء بوادى النطاة عين ماء تجرى تسمى ( عين النطاة ) ؛ يسقى
« العين العظمى بالنطاة ؛ !"© وفى هذا الوادى ورد اسم عين
(1) ابن عبد الكريم الانصارى : نحفة الحيين والأصحاب فى معرفة ما للمدنيين من الأنساب » تحقيق
محمد العروسى الطرى ؛ الطبعة الأول + توئس 0 1745ه/ 1430م م ص 2814
() الحرف : المصدر السابق م من 540
(©) الحميوى : المصدر السابق ان 8؟؟
(9» الفبروزبادى : للغام للطابة لى معالم طابة ؛ تحقيق حمد الجاسر ؛ الطبعة الأول + دار الجامة +
الرياض ب 1744م/ حححم اس ححا
(ه) الحميرى : المصدر السابق + ا 8؟؟ -
(1 احرف : الصدر السابق م من 583
القيروزابادى : المصدر السابق ؛ عن ٠١
الديار بكرى : تاريخ الخميس فى أحوال أنفس نفيس + مؤسسة شعبان للنشر والتوزيع +
(0) القروزابادى : المصدر السابق ؛ ان 418
الحتيرى : الصدر السابق امن 858 +
زم ناقوت : الصدر السابق ) حام ع عن 683
(9) البكرى : الصدر السابق اح ؟ ءامن 077+
() البكرى : نفس الصدراء ا ١ من 455
وإذا كانت المصادر التى بين أيدينا لم تفض فى ذكر أسماء عيون الماء
ومواضعها فى خيبر فإن بعض الباحثين فى معالم جزيرة العرب قد أشاروا إلى
أسماء كثير من هذه العيون ومواضعها 0 .
على أن غزارة مياه بعض العيون فى خيبر ؛ وبخاصة تلك النى تسيل فى
وتسقط الأمطار على منطقة خيير © فتسيل الأودية ؛ وقفوع بعضها 93
وهناك جملة مسايل مازال الناس يزرعون عليها مما أدى إلى اقامة السدود فى
أعالى الأودية » بهدف حصر قدر من الماء لوقت الحاجة » وإرواء ماحول
السدود من الأرض التى لاعيون ولا آبار فيها ؛ فضلا عن حجز المياه القوية
والسيول التى قد تحدث فى الواحة فياضات تؤثر فى المزروعات أو منازل
(1) حمد الجاسر : المرجع السابق + من 85 لاد
(0) الحرق : الصدر السابق اصن 840
() الواقدى : الصدر السابق اا ؟ ان 348
( التز ؛ مايتحلب من الأرض ماه الصحاح ص 853 )
القزويثى : آثاز البلاد وأخبار العياد م دار بيروت ا 1944م 1434م راص 85
(ه) « والناى يقولون : حمى خير + وطوعين الشام » ودماميل الجزيرة ؛ وجرب الزئج ؛ وطحال
البحرين ؛ اللمدالى : صفة جزيرة العرب ؛ تحقيق محمد بن على الأكوع ؛ منشورات دار
المامة؛ الرياض :1149م / للحم راص 118
(7) الفووزابادى : المغانم الطابة + ص دفذظ +
السكان » إذ تشير الآثار الباقية من تلك السدود على معرفة بفن هندسة الرى +
وحذق ومهارة فى اقامتها » وإدراك لفائدتهانا»» وتشير مصادرنا التارينية فى
حوادث المحرم/ صفر سنة لا ه أثناء رجوع النبى عله إلى أشهر السدود
خيبر من جهة المدينة إلا أن هذه المصادر لم تقدم لنا المزيد من التفاصيل عن هذا
على أنه من السدود التى يرجع تاريخ إنشائها إلى عضر ماقبل الإسلام
مباشرة فى منطقة “سد القصيبة © والذى سماه فلبى ( سد قصر
البنت )!"' ؛ ويشير تقرير أثرى إلى أنه يُعد من أكبر السدود القديمة الأثرية فى
طوله 205 متر » والأجزاء الباقية من جسم السد بارتفاع 38 متراً من الجهة
الغرين أمام وجه السد ا" » وقد بنى السد من حجارة غير مشذبة ؛ ملصقة
مثلث الشكل . مدعم بدعامات تزيد من قوته ومتانته © ؛ وهناك أيضا ( سد
المشقوق ) شرق خيبر و ( سد الحصيد ) ويقع فى الجنوب الغرنى من الواحة
(ا) حمد الجاسر : المرجع السابق داص 881 م 8
)١( ابن سعد : الصدر السابق اح 6 اق 3 اع ا
البيبقى : دلائل النبوة ؛ ومعرفة أحوال صاحب الشريعة ؛ تحقيق عبد العلى فلعجى + الطبعة
الأول ؛ دار الكتب العطمية ؟ يروت 2 06 14ه/ ففقم اح حاص 8ا؟
(9) جليمور وأخخرون : تقرير مبدنى عن مسح المطقتين الشمالية الغرية والشمالية ؛ أطلال ( حولية.
الآثار العربية السعودية ) العدد السادس . الرياض م 147م/ 1445م اص 18
(») حمد الجاسر : المرجع السابق ؛ عن 8م؟
(*) جيلمور وآخرون : المرجع السابيق مح يا ف 18 +
زه حمد الجاسر : مرجع السابق ان 48
جلمور وأعروة + لارجع الساق ل اح لا